سورة الكهف - تفسير تيسير التفسير

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الكهف)


        


غطاء: غشاوة. اعتدنا هيأنا. نزلا: اصل النزل ما يُهيّأ للضيف النزيل، وهنا جعل جهنم مكانا لهؤلاء الجاحدين ينزلون به. الهزؤ: السخرية.
{وَعَرَضْنَا جَهَنَّمَ...}
بعد أن ذكر الله تعالى انه إذا نفخ في الصور وجاء يوم القيامة جمع الناس من جميع اطراف الأرض- بين هنا انه عند ذلك يُبرز جهنم ويعرضها للذين كفروا بالله، الذين كانت اعينهم في الدنيا مقفلة، وقلوبهم في غفلة عن ذكره، وكانوا لا يستطيعون ان يسمعوا ذكر الله.
ثم بين ان ما اعتمدوا عليه من المعبودات الاخرى لا تنفعهم ولا تنصرهم في ذلك اليوم.
{أَفَحَسِبَ الذين كفروا أَن يَتَّخِذُواْ عِبَادِي مِن دوني أَوْلِيَآءَ...}
اظنوا ان اتخاذهم المعبودات الضعيفة التي لا تملك لهم ضرا ولا نفعا ينفعهم أو ينجيهم من العذاب. إنا أعتدنا لهم جهنم مقرا ينالون فيه ما يستحقون من جزاء.
وفي ذلك تهكم بهم، وتهطئة في حسبانهم ذلك، واشارة إلى ان لهم وراء جهنم الوانا اخرى من العذاب.
ثم بين سبحانه ما فيه تنبيه إلى جهلهم وخسرانهم فقال: {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُم بالأخسرين أَعْمَالاً الذين ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الحياة الدنيا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً}
قل ايها الرسول لهؤلاء الجاحدين هل نخبركم بأشد الناس خسرانا لأعمالهم، الذي بطل عملهم في الحياة الدنيا، وهم يعتقدون انهم يحسنون بعملهم صنعا! انهم عملوا بغير ما امرهم الله به، وظنوا انهم بفعلهم هذا مطيعون له، وقد ذهب سعيهم هباء فلم يجدِهم شيئا.
ثم بين الله السبب في بطلان سعيهم فقال: {أولئك الذين كَفَرُواْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلاَ نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ القيامة وَزْناً}.
هؤلاء الذين كفروا بما جاء به الرسول من دلائل وآيات، وانكروا البعث والجزاء ولقاء الله فحبطت اعمالهم، أي فسدت وبطلت. وأصل الحبوط انتفاخ بطن الدواب عندما تأكل شيئا يضرها من الكلأ ثم تلقى حتفها، وهذا انسب شيء لوصف اعمال هؤلاء الكفار الذين هم اشبه شيء بالدواب. ولذلك سوف يمهَلون يوم القيامة ويتركون في جهنم، ولا قيمة لهم.
ثم بين مآلهم بسبب كفرهم وسائر معاصيهم بعد أن بين حبوط اعمالهم وخسرانهم فقال: {ذَلِكَ جَزَآؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُواْ واتخذوا آيَاتِي وَرُسُلِي هُزُواً} ذلك الذي بيناه وفصلناه شأن هؤلاء، وجزاؤهم جهنم بسبب كفرهم وسخريتهم بما أنزل الله.


الفردوس: المنازل العليا في الجنة: حِوَلا: تحولا. مدادا: حبرا. يرجو لقاء ربه: يطمع في لقائه.
بعد أن ذكر سبحانه ما اعده للكفار من عذاب، جزاءَ جحودهم بربهم واستهزائهم برسله وآياته- بين هنا لمقابل، وهو حال المؤمنين وما ينتظرون من نعيم مقيم وجنات تجري من تحتها الانهار فقال: {إِنَّ الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الفردوس نُزُلاً خَالِدِينَ فِيهَا لاَ يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلاً}.
ان الذين آمنوا بالله ورسوله، وصدقوا المرسلين فيما جاؤا به، وعملوا صالح الاعمال جزاؤهم اعلى المنازل في الجنة، خالدين فيها ابدا، لا يرضون غيرها بديلا.
ثم ختم السورة ببيان حال القرآن الذي فيه الدلائل والبينات على وحدانية الله، وارساله الرسل، وكلماته التي لا نهاية لها، فالبحرُ وسعه مهما كبر يظل صغيراً إلى جنب علم الله وكلماته التي تمثل العلم الالهي الذي لا حدود له، والذي لا يدرك البشر نهايته.
{قُل لَّوْ كَانَ البحر مِدَاداً لِّكَلِمَاتِ رَبِّي...} قل ايها الرسول للناس: إن علم الله محيط بكل شيء، ولو كان ماء البحر مدادا يسطر به كلمات الله الدالة على علمه وحكمته لنفذ هذا المداد، ولو مد بمثله، قبل ان تنفذ كلماتُ الله، لأن علوم الله ولكماته لا نهاية لها. ومثل قوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الأرض مِن شَجَرَةٍ أَقْلاَمٌ والبحر يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ الله} [لقمان: 27].
{قُلْ إِنَّمَآ أَنَاْ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يوحى إِلَيَّ...} قل لهم ايها الرسول: انما انا إنسان مثلكم أستمد علمي من الوحي اللهي، اعلمكم ما علمني الله اياه، وقد اوحى الله الي ان ربكم واحد لا شريك له، فمن كان يطمع في لقاء الله وثوابه فليعمل الاعمال الصالحة مخلصا له، {وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدَاً} هذا هو العمل العظيم الذي ينجي الإنسان عند لقاء ربه.
وهكذا تختم سورة الكهف التي بدأ بذكر الوحي والتوحيد بما بدئت به من أن محمد عليه الصلاة والسلام بشر مرسل يوحى اليه، والتوحيد وعدم الشرك هما الجواز الذي يوصل إلى الجنة.
نسأل الله تعالى ان يجعل علمنا خالصا لوجهه الكريم.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7